قـال رسول الله صـلى الله عـليـه وسلم : ( إن أمثـل ما تـداويـتـم به الحجامة والـقسط ) ." البخاري ( 7/ 160 ) ومسـلم ( 14/ 201 ) .
وفي جمعه صلى الله عـليه وسلم بين الحجامة والقـسط سر لطـيف , وهـو أنـه إذا طـلي به شرط الحجامة لـم يـتـخـلف في الجـلد أثـر المشاريط , وهـذا من غـرائب الطب , فـإن هـذه الآثـار إذا ا بـقـيـت في الجـلد قـد يتوهم من يراها أنها برص أو بهـق , والطباع تـنـفـر من مثـل هـذه الآثار , فحيث عـلم ذلك ذكـر مع الحجامة ما يؤمن من ذلك , والقسط هو العـود الهـنـدي وقـد جعـله النبي صلى الله عـليه وسلم أمثـل ما تـداويتـم به لكـثرة منـافـعه .
عـن أنس رضي الله عـنه أن النبي صلى الله عـليه وسلم قـال : ( لا تعـذبـوا صبـيـانـكم بالغمز وعـليكم بالقسط ) " رواه البخاري . وعـن جابر – رضي الله عـنه – قـال : قـال رسول الله صلى الله عـليه وسلم : ( أيـّما امرأة أصاب ولـدهـا عـذرة أو وجع في رأسه فـلتـأخذ قـسطا فـلتحكـه بماء ثم تسعـطه إيـاه )) " رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن " وعـن ابـن عـباس – رضي الله عـنهـما – ( أن النبي صلى الله عـليه وسلم إحتجم وأعـطى الحجام أجره واستعـط ) " رواه البخاري ومسلم . وعـن ابـن عـباس أيضا : (( أن الـنبي صلى الله عـليه وسلم قـال : إن خير ما تداويتم به السعـوط )) " رواه الترمذي " .
وقـد روي الشيخان عـن جابر رضي الله عـنه أن النبي صلى الله عـليه وسلم دخل عـلى عائشة – رضي الله عـنها – وعـندها صبي يسيل منخراه فـقال : ما هـذا ؟ فـقالت : إنه العذرة , فـقال : ويـلكـن لا تـقـتـلن أولادكـن , أيما امرأة أصاب ولدها العذرة أو وجع في رأسه فـلتـأخذ قسطا هـنـديا فـلتحكـه ثـم يسعـط به , فـأمرت عـائشة فـصنـعـت به فـبرىء . وقـد روي البخاري أن أم قـيس بنت محصن الأسدية أتت النبي صلى الله عـليه وسلم بابن لها قـد أعـلقـت عـليـه من العـذرة فـقـال النبي صلى الله : علام تـدغـرن أولادكـن بهـذا العلاق ؟ عـليكـن بهـذا العـود الهـندي فإن فـيه سبعة أشفـية منها ذات الجنب , يريد الكست ....
وفي رواية أخرى للبخاري عن أم قيس بنت محصن أنها قالت : سمعـت النبي صلى الله عـليه وسلم يقول : ( عـليكـم بهـذا العـود الهـندي فـإن فـيه سبعة أشفـية : يستعـط به من العـذرة ويُـلـدَّ به ذات الجنب )) .
قـال ابن حجر :- والسعـوط ما يجعـل في الأنف مما يتداوى به وقـوله ( استعـط ) أي استعـمل السعـوط وهو أن يستـلقي عـلى ظهـره ويجعـل ما بين كـتـفـيه يـرفعهـما ليـنحدر رأسه ويـقـطر في أنـفـه ماءً أو دهـنـاً فـيه دواء ليتمكـن بـذلك من الوصول إلى الـدماغ لاستخراج ما فـيه من الداء العـطاس .
و العـذرة : – بضم العـين – وجع في الحلق يهـيج من الدم وتسمـيـتها العـامة بـبنـات الأذن . وهـذا التـفسير يوافق في الطب أمراض الحلق التي تـتـرافق باحـتـقـان دموي سواء أكـان التهاب لوزات أو التهاب لهـاة أم التهاب بلعـوم .
و العـلاق : – هـو عـبارة عـن قـطعة قـماش كـانـت تـفـتـل فـتـلاً شديداً ثم يدخلونها في أنف الصبي أو حـلقـه , فـيغـمزه بها الجزء الملتهب فـيسيل منه الدم أسود غـالبـاً ويظـل يـقـطر الدم ويسيـل عـلى العلاق مدة معـينة .
تـدغـرن – جاءت في روايات أخر تـقـتـلن أولادكـن , وفي رواية أخرى ( لا تعـذبوا أولادكـم بالغمز ) .
العـود الهـنـدي :- هو الـقسط الهـنـدي , ويـقـال له الكـست الهـنـدي وهـو نبات يتـداوى به .
ذات الجـنب : - اسم لمرض خطـيـر اخـتـلف أهـل الطب في تحـديـده .
يـلـد :- اللـدود هـو صب الـدواء في إحدى جانـبي فـم المريض وفي الغـالـب دون إرادته أو لضعـف مـنـه أو لإغـمـائـه .
سبعـة أشفـية :- أي أن هـذا القـسط الهـنـدي فـيه شفـاء لسبع أمراض قـال الإمام ابـن حجر : وقـد عـد الأطباء أكـثـر من سبعة فـلعـل السبعة بالوحي وما عـداها بالـتجـربة .