عندما قرأت القصة التي تسرد الحادثة التي أرسل فيها النبي محمد رسالته الشهيرة إلى هرقل عظيم الروم يدعوه فيها للإسلام و كيف أن عاقبة رفضه ستكون وخيمة وأنه سيقع عليه ذنب كل الشعب الذي يسيطر عليه قلت في نفسي رحم الله(أو إيل أو يهوه أو مهما كان إسمه الحقيقي)الزمان الذي كانت الموضة السائدة فيه هي أن يذهب الرسول بنفسه إلى الملك الذي يريد دعوته إلى طريق الحق و يقوم بتأدية المعجزات أمامه بقدرة ربه و التي لا يستطيع أي بشر الإتيان بمثلها فتكون الرسالة المفحمة قد وصلت للمرسل إليه و لا يجد الملك بدا عندها إلا أن يتخذ قرارا حاسما بناء على ما يجد أمامه من أدلة لا تقبل الجدل و إلا فليأت بأحد يستطيع مجاراة ما يدعيه هذا الرسول الإلهي و طبعا بما أن الرب الذي بعث الرسول لهذا الملك هو سيد المنطق في هذا الكون فإنه من البديهي أنه سيحرص على تزويد رسوله بما يقنع الجالس على عرشه في بلاطه و وسط حاشيته و بقية الموجودين بان الصيغة التي يقدم فيها الرسول نفسه أمامهم مقنعة و كافية لتدل على أن الرسول قد جاء بما لا يأت به البشر فلا هو بنصاب و لا كاذب بل هو رسول صادق و الدليل أن لا أحد لديه مأخذ على ما أتى به من الأدلة الواضحة ! ...حسنا هذا كان زمان ! و يبدو أن هنالك شيئا جديدا على وشك الحدوث
لنتخيل أعزائي و حتى نكون منصفين و على دراية بما نحكم أننا موجودون في داخل قاعة العرش عندما دخل الحاجب يبلغ هرقل بأن هناك رسول بالباب (طبعا أحد أتباع محمد)ينتظر مقابلته !
- ملاحظة : يجب أن نقوم طبعا بإلغاء كل الأفكار التي نحملها مسبقا عن القرآن و إعجازه و ما نعرفه عن الإسلام فنحن من الروم الآن و هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها أحدا من أتباع هذا الدين و قد قدم إلينا برسالة ! - يقول هرقل للحاجب دعه يدخل , و بعد أن يسلم الرسول الرسالة التي معه إلى قيصر يقوم الأخير بفضها فماذا يجد فيها؟!
شخصا لم يره من قبل و لم يسمع عنه شيئا سوى أنه شكل دويلة صغيرة بعد بضعة إنتصارات محلية على القبائل المحيطة بمركز دويلته الناشئة يطالبه فيها بأن يؤمن له و أن يتبع دينه فهو رسول رب العالمين !!!

و السؤال الذي أود طرحه هنا هو أين المنطق في أن يقوم رسول يتبع حسب ما علمنا الدين أوامر إلهية بمثل هذا التصرف ؟!
لمن لم ينتبه للنقطة التي أريد إثارتها هنا هل فكر الله نفسه في هذه الخطوة قبل أن يأمر رسوله بالإقدام عليها ؟!!
هل تخيل المنظر الذي نراه نحن الآن (كوننا مع هرقل في قاعة عرشه) و قال حسنا هذه الأدلة التي بين يديه ستكون كافية لأن يتخذ قرارا مصيريا بحق نفسه و أمته !
فهو سيقرأ الآن رسالة من شخص يقول فيها أنه رسول من عندي و أن عليه أن يسلم لي عن طريق أن يتحول هوو شعبه أتباعا للشخص الذي أرسل هذه الرسالة التي بين يديه !
هل فعلا هذا هو مستوى التفكير عند الإله الذي أبدع الكون الذي نعيش فيه ؟
لم لم يخطر ببال الله عندها أن هذا الذي سيحدث في قاعة الملك ( أو الملوك بإعتبار أن محمد قد بعث بأكثر من رسالة لملوك بعض دول ذلك الزمان)هو مسابقة في إختيار أغبى ملك في المنطقة !
هل أصبحت العروش و الممالك تضيع بهذه السذاجة ؟!
كان يتوجب على هذا الإله أن يعلم أن الذي سيحدث في قاعة العرش هو موجة عارمة من الضحك الهستيري على هذه المهزلة التي تحدث أمامنا !
أنظروا كيف أصبح الموقف : شخص يدخل علينا و نحن في حضرة هرقل و يعطينا قطعة من الجلد عليها ختم و طلب بالإستسلام !
هل الوصول إلى جنة هذا الإله هو سباق للأغبياء !
مالذي يمنع أي لص أو مدع أو طامع أن يرسل مثل هذه الرسالة ؟!!
هل فعلا اتسع عقل هذا الإله لتخيل موقف هرقل بموضوعية و أن الموقف السليم الوحيد الذي يتخذه أي عاقل في هذا الموقف هو الضحك مما يجري أمامه ؟!
هل تخيل ما سيمليه عقل هرقل عليه من إحتمال كون أي شخص يعيش خارج دمشق قادراعلى كتابة هكذا رسالة و أن من كتبها كان يمكن أن يكون خبازا أو كاهنا أو تاجرا أو نبيا على حد سواء و هل قام بمعالجة هذه الإحتمالات و توصل لنتيجة مفادها أن ما سيأمر نبيه بفعله من إرسال هذه الرسالة سيكون حتما إثبات لنبوة محمد عند الملك المرسل إليه !
في الختام أعود فأقول رحمت الآلهة من ألف جدال إبراهيم بشحمه و لحمه مع النمرود و قصة موسى في قاعة عرش فرعون و شكرا